مؤامرة على قتل النبى صلى الله عليه و سلم ( يوم الهجرة )
فى عام ( 622 م ) علمت قريش بتأييد أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه و سلم, فسرعان ما اتفقوا مع القبائل الأخرى بأن ترسل كل قبيلة أحد فتيانها الأقوياء الأشداء لقتل الرسول صلى الله عليه و سلم لتتحمل كل القبائل دمه و بذلك يتفرق دم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم على القبائل فلا تستطيع بنى هاشم على قتال هذة القبائل , و لما علم رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك الأمر أمر المسلمين ببيع ممتلكاتهم و ترك مكة فى أقرب وقت إلى المدينة و طلب من صديقة أبى بكر الصديق رضي الله عنه شراء جملين للرحلة , و أتى أمر الله بالرحيل ليلاً فأمر ابن عمه ( على بن ابى طالب رضي الله عنه) أن ينام فى فراشه رضي الله عنه و أعطاه عباءته و ترك المنزل , و فى ذلك الوقت كانت فتيان قريش تنتظر خروج محمد صلى الله عليه و سلم بالخارج لقتله بضربة سيف واحد , و لكن قدره الله تعالى كانت فوق كل شىء , فخرج الرسول صلى الله عليه و سلم أمام هؤلاء الفتية و أخذ حفنة من التراب و ألقاها على وجوههم فأعماهم الله تعالى , قال تعالى { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } (9) سورة يــس , و أخذ الرسول صلى الله عليه و سلم أبى بكر الصديق رضي الله عنه معه للهجرة , و تبعهما عبد الله بن ابى بكر الصديق رضي الله عنه و أختة أسماء رضى الله عنها مع راعى الغنم لإحضار الطعام و التموية على الكفار , و ذهلت قريش لفقدها الرسول صلى الله عليه و سلم فى مرقده و أخذت تقتفى أثره ثم وصلت إلى غار ثور الذى به الرسول صلى الله عليه و سلم و صاحبه , و لكنهم وجدوا يمامة راقدة على بيضها و عنكبوتاً بنسيجة على الباب و الله اعلم , وفشلوا مره أخرى فى قتل الرسول صلى الله عليه و سلم و صاحبه , أمضى الرسول صلى الله عليه و سلم ثلاث ليالى فى الغار ثم وصل إلى المدينة بعد مسيرة ثمانية أيام ثم لحق به على بن ابى طالب رضي الله عنه بعد أن أدى عن الرسول صلى الله عليه و سلم ما كان للناس عنده من أمانات وودائع , و منذ قدوم الرسول صلى الله عليه و سلم إلى المدينة سنة ( 622 م) جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا اليوم بداية للتاريج الهجرى (1هجرياً ) .
بيعة العقبة
بيعة العقبة الأولى
بعد الرحلة الرائعة التى شهدها رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه و سلم و بعد تكذيب الكفار له و تصديق أصحابه رضى الله عنهم لرحلته المباركه , إستمر الرسول صلى الله عليه و سلم ينتهز فرصة مواسم الحج فيدعو الناس للإيمان بالله و ترك عبادة الأوثان و فى العام الحادى عشر من البعثة النبوية جاءت وفود من قبيلتى الأوس و الخزرج و هى من اكبر القبائل فى المدينة , فجاءوا من المدينة إلى مكة , فأستمعوا لدعوة الرسول صلى الله عليه و سلم فآمنوا به و صدقوه و فى العام الثانى عشر عادت هذة الجماعات الصغيرة و أخبروا قومهم بما سمعوا و رأوا , و بايعوا الرسول صلى الله عليه و سلم البيعة الأولى , و سُميت ببيعة العقبة الأولى , و طلبوا منه أن يرسل معهم تلميذه مصعب بن عمير رضي الله عنه ليعلمهم القرأن الكريم . و اجتهد مصعب بن عمير رضي الله عنه إجتهاد عجيب جدا لنشر الدعوة الإسلامية و سمى بأول سفير فى الإسلام و بدأ الإسلام ينتشر فى المدينة فأسلم ابناء عمرو بن الجموح و أسلم بعدها عمرو بن الجموح رضي الله عنه ثم أسلم الطفيل بن عمرو رضي الله عنه و هو سيد قبيلة دوس و ذهب الطفيل رضي الله عنه يدعو فى قومة حتى أسلمت قبيلة دوس جميعاً و آتى بهم يبايعون الرسول صلى الله عليه و سلم و أنتشر الإسلام إنتشار هائل فى هذا العام .
بيعة العقبة الثانية
فى العام الثالث عشر من الدعوة الإسلامية أتى من المدينة ثلاثة و سبعون رجلاً و إمرأتان من قبيلتى الأوس و الخزرج فجلسوا مع الرسول صلى الله عليه و سلم و أتفقوا مع الرسول صلى الله عليه و سلم على تأييده فى دعوته النبيلة ثم إنهم بايعوا الرسول صلى الله عليه و سلم على أن يحموه كأبنائهم و إخوانهم و لهم الجنة , و دعوا الرسول صلى الله عليه و سلم لزيارة مدينتهم فقبل الرسول صلى الله عليه و سلم دعوتهم لأسباب عديدة منها : أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يريد بلداً آمناً لينشر رسالة ربه عز و جل , أما أهل يثرب فقد وجدوا فى هذة البيعة حلفاً سياسياً يقوى شأنهم ضد اليهود و إجلائهم عن أراضيهم و يخفف العداوة بين أهل يثرب من الأوس و الخزرج , بجانب هذا فى المدينة بيت أخوال رسول الله صلى الله عليه و سلم و قبر أبيه عبد الله و فى منتصف الطريق يوجد قبر أمه رحمها الله و رضى عنها إن شاء الله .
رحلة الرسول صلى الله عليه و سلم إلى السماء
بعد وفاه عم الرسول صلى الله عليه و سلم و زوجته خديجة بنت خويلد , أصبح الرسول صلى الله عليه و سلم حزيناً بالإضافة إلى عدم توفيقه فى هداية قبيله ثقيف بالطائف و عودته إلى مكة , تجلت قدره الله تعالى فى إرادته أن يعوض الرسول صلى الله عليه و سلم و أن يزيل آلامه و أحزانه بهذة الرحلة الخالدة التى رأى فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم من الآيات و العجائب ما لم تراة عين و لم يخطر على قلب بشر , فأسرى به سبحانه فى ليله السابع و العشرين من شهر رجب جسداً و روحاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس و صلى صلى الله عليه و سلم بالأنبياء جميعاً ثم صُعد به صلى الله عليه و سلم إلى السماء العليا حتى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى , و قد رأى نتيجة الأعمال الخيرية فى الجنة و نتيجة الأعمال السيئة فى النار , و فى هذة الليلة فُرضت الصلوات الخمس على المسلمين و رأى الرسول صلى الله عليه و سلم فى هذة الرحلة الرائعة الجنة و النار و الملائكة ساجدين عابدين لله تعالى عز و جل و رأى الرسول صلى الله عليه و سلم الأنبياء جميعهم و رأى جبريل فى صورة ملك مرة اخرى عند سدرة المنتهى ووصل إلى مرحله لم يصل لها إنسان من قبل ثم توقف جبريل عند مكانه هذا و قال : تقدم يا محمد فإنى لو تقدمت لأحترقت و رأى محمد صلى الله عليه و سلم نور الله الكريم , يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يوصف سدرة المنتهى عندما تجلاها نور الله الكريم : سارت السدرة من الحُسن و من الجمال ما لا يستطيع بشر أن يصفة و فى هذا المكان تحدث محمد صلى الله عليه و سلم مع ربه عز و جل بدون حجاب ولا ترجمان , و لما عاد الرسول صلى الله عليه و سلم إلى الأرض أخبر قومه بما حدث له فى هذة الليلة , فأستهزءت به قريش و قالت إنة لمجنون أو ساحر , و أتهموه صلى الله عليه و سلم بالسحر و الكهانه و قالوا له إذا كنت ذهبت بالفعل إلى المسجد الأقصى فى ليلة فأوصفة لنا , فوضع الله تعالى المسجد الأقصى أما عين النبى صلى الله عليه و سلم وحده يرى و يشرح للكفار كل شىء موجود به , ثم أنه أكد لهم انه ذهب إلى المسجد الأقصى بوصفه صلى الله عليه و سلم لهم قافلة تجارية عائدة من الشام و قال لهم انها سوف تعود بعد ثلاث ايام و عادت القافلة فعلاً , ثم ذهب الكفار إلى أبى بكر الصديق رضي الله عنهو أخبروه بما حدث و قالوا له : أرءيت يا أبا بكر ما يقول صاحبك , فهل تصدقه بعد اليوم ؟ فقال ابى بكر رضي الله عنهقولته المشهوره : لقد صدقت رسول الله صلى الله عليه و سلم فى أكبر من ذلك , لقد صدقته فى نزول الوحى إليه من السماء , أفلا اصدقه فى ذلك , و من هنا سُمى أبى بكر رضي الله عنهبالصديق , ثم بعد ذلك علم الناس و صدقوا أنه بالفعل أُسرى بالرسول صلى الله عليه و سلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و أُعرج به إلى السماء .